القائمة الرئيسية

الصفحات

كتاب سيغير علاقتك مع الوقت | ملخص كتاب اصنع وقتًا – جيك ناب وجون زيراتسكي

هل تشعر أن كل دقيقة فراغ تُنهب بلا رحمة من قِبَل خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل تنهال عليك المهام والاجتماعات كالعواصف، حتى أصبح إنجاز أي مشروع أشبه بمعركة لا تنتهي؟ إذا كان هذا حالك، فاعلم أنك لست وحدك… لكن هناك طريق للخلاص.

في كتاب "خصص وقتًا" ستكتشف كيف تصبح "أنانيًا إيجابيًا" مع وقتك، فتمنح أولوياتك الحقيقية الاهتمام الذي تستحقه، بعيدًا عن فوضى المشتتات. الأمر لا يتعلق بإهمال الآخرين، بل باحترام ذاتك وأهدافك بما يكفي لتمنحها وقتًا نقيًا يثمر عن إنتاجية أعلى، وصفاء ذهني أعمق، وأعصاب أكثر هدوءًا.

لقد صُمم عقل الإنسان ليُفتن بالجديد، لأن التجديد كان في الماضي سبيل النجاة واستكشاف الفرص. وحبنا الفطري للقصص نبع من حاجتنا للتواصل ونقل الخبرات. لكن في عالم اليوم، هذه السمات ذاتها أصبحت أسلحة تُستخدم ضدنا؛ إشعارات متلاحقة، محتوى لا ينتهي، وقصص متدفقة تسرق تركيزنا بلا وعي.



كتاب "خصص وقتًا: كيف تُركز على ما يهمك كل يوم" هو خريطتك لاستعادة السيطرة. يقدم لك أدوات عملية وأساليب واقعية للتحرر من العادات الرقمية السامة التي تسرق وقتك، لتتعلم كيف تقول "لا" لكل ما لا يُضيف قيمة لحياتك، وتعيد بوصلة تركيزك نحو ما يصنع الفارق الحقيقي.

الكتاب مليء باستراتيجيات مبسطة ولكن فعّالة تساعدك على استعادة السيطرة على وقتك، وإعادة بناء علاقتك مع التكنولوجيا، لتبدأ كل يوم بتركيز واضح وهدف محدد.

إنه ليس مجرد كتاب، بل خطة إنقاذ لعقلك ووقتك… وفرصتك لتعيش كل يوم وفق ما يهمك، لا وفق ما تُمليه عليك الخوارزميات.

 

الدرس الأول: هل نحن فعلاً نعيش... أم نُستَخدَم؟

في عالم اليوم، نقضي معظم وقتنا في الاستجابة لأشياء لا نختارها فعلاً. نُلاحق الاجتماعات، نغرق في رسائل البريد الإلكتروني، وننجرّ خلف مهام لا تنتهي، وكأننا في سباق لا نعرف خط نهايته.

تخيل أن قائمة مهامك مزدحمة جدًا، ثم يأتي من يقول لك: "لنُضِف اجتماعًا آخر إلى جدولك." ألن تكون هذه آخر جملة تريد سماعها؟!

في أعماقك، أنت تعرف ما تحتاج إليه:
وقت هادئ، دون انقطاع، تفكر فيه بوضوح، وتنجز ما يهمك حقًا.
لا تحتاج مزيدًا من "العروض التقديمية" في غرف اجتماعات باردة، حيث الجميع يتساءل في صمت: "ما جدوى هذا الاجتماع؟"

لكن للأسف، هذا هو الوضع الافتراضي الذي أصبح عليه مجتمعنا. بدلاً من التركيز على ما هو مهم، نقضي يومنا في تلبية ما يُملى علينا من الآخرين.
أصبحنا نعتقد أن "الاستجابة الفورية" و"الانشغال الدائم" هما دليل النجاح... وهذا وهم خطير.

قوتان تُقيدانك دون أن تشعر:

1.    قافلة الانشغال (Busyness Parade):
المجتمع اليوم يُقنعك أن النجاح يعني أن تكون مشغولًا دائمًا. جدول مزدحم، رسائل بريد مستمرة، تفاعل لا ينتهي. نحن لا نُكافأ على الإنجاز... بل على الظهور وكأننا "مشغولون جدًا".

2.    برك اللانهاية (Infinity Pools):
هذه هي المنصات والمواقع التي لا نهاية لها من المحتوى – مثل وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الفيديو، والأخبار المتدفقة باستمرار. إنها مصممة لتأسر انتباهك، وتُبقيك داخلها لأطول وقت ممكن، حتى تنسى نفسك وأهدافك.

النتيجة؟
تتكون لديك "عادات افتراضية" لا تُشكك فيها، ولا تتوقف لتسأل: لماذا أفعل هذا؟ هل هذا حقًا ما أريده؟
لا تسأل نفسك: "هل أحتاج فعلاً إلى تصفح إنستغرام الآن؟ أم يجب أن أبدأ أخيرًا في كتابة تلك القصة التي أحلم بها؟"
بل تنجرف مع التيار، لأن الجميع يفعل الشيء نفسه.

وهكذا... تمضي الأيام، وتتراكم المهام، وتتلاشى الأحلام.

الخبر الجيد؟

كتاب "خصص وقتًا" يقدم لك إطارًا عمليًا من أربع خطوات (سيتم الحديث عنها في الدروس التالية)، ليساعدك على كسر هذا النمط المدمر، واستعادة السيطرة على وقتك وحياتك.

كما يقول المؤلفان جيك ناب وجون زيراتسكي:

"بينما يركب البعض قافلة المهام التي لا تنتهي، يركب آخرون قافلة التشتيت الذي لا ينضب... كل شيء حولنا مصمم لجذب انتباهنا، لا يمكن مقاومته، بل يُسبب الإدمان. ومع كل نقرة، تُمحى عثرة جديدة من طريق التشتت."

 

الدرس الثاني: ابدأ يومك بهدف واحد... واضح ومهم.

في عالم يتغنّى بالإنتاجية، قد تظن أن الطريقة الوحيدة لإنجاز الكثير هي ملء يومك بالمهام والأهداف المتعددة.
لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا.
السر في الإنجاز الحقيقي يبدأ بشيء واحد فقط.

يسألنا مؤلفو كتاب "خصص وقتًا" سؤالًا بسيطًا لكنه جوهري:

"ما هو أبرز ما في يومك؟"

قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن اختيار هدف واحد واضح – ذو أولوية عالية – يمنحك الوضوح والتحفيز، ويمنعك من الغرق في التفاصيل المبعثرة التي تسرق وقتك دون أن تشعر.

استراتيجيات عملية لاختيار "الأبرز في يومك":

1.    رتب أولوياتك بصدق:
هل تشعر أن حياتك بلا اتجاه واضح؟
اجلس للحظة واكتب قائمة بالأشياء التي تهمك فعلًا: علاقاتك، صحتك، شغفك، مشاريعك.
فكّر: ما المهمة التي ستقربني من هذه الأولويات اليوم؟
ركّز على المهام ذات المعنى، لا تلك التي تملأ الوقت فقط.

2.    دوّن هدفك اليومي:
لا تكتفِ بالتفكير فيه... اكتبه!
كتابة الهدف على ورقة، أو حتى لصقه أمامك، تجعله حقيقيًا وتزيد احتمالية التزامك به.
هل تريد أن تضمن تنفيذه؟ أعطِه لشخص يهمك واطلب منه محاسبتك!

3.    ابدأ يومك بنشاط مألوف:
أحيانًا لا نعرف من أين نبدأ، خاصة في الأيام المزدحمة.
الحل؟ ابدأ بما قمت به بالأمس.
إذا كنت كاتبًا... اكتب. إذا كنت مصممًا... صمّم.
كرر الخطوة السابقة، ولو بشكل بسيط. الزخم يولد الإنجاز.

4.    صمّم يومك حول هدفك:
لا تنتظر الوقت المثالي.
خصّص وقتًا واضحًا في يومك لأهم مهمة.
ثم ابنِ جدولك حولها، وليس العكس.
اجعل هذا الهدف هو محور يومك، وليس مجرد بند في أسفل القائمة.

5.    نظّف جدولك وقل "لا":
الواقع لا يسير كما نخطط دائمًا.
فجأة، تجد نفسك ترد على الإيميلات، ثم تنجرف لمشاهدة حلقة من مسلسل ما
ما الحل؟
كن صارمًا مع جدولك. تخيّله كأنه شارع رئيسي مزدحم وأنت تمسك بجرافة صغيرة تنظفه من العوائق.
أزل أي شيء غير ضروري. وإذا لم تجد وقتًا لهدفكارفض المهام الثانوية بكل هدوء.

 

الدرس الثالث: كيف تحافظ على تركيزك في عالم لا يتوقف عن تشتيتك؟

أنت الآن تعرف ما هو الشيء الأهم في يومك… لكن السؤال الحقيقي هو:
هل ستنجزه؟
أم ستُسحب مجددًا إلى دوامة الإشعارات والمشتتات التي لا تنتهي؟

في هذا العصر، التركيز أصبح عملة نادرة.
نحن نعيش في عالم مصمَّم ليخطف انتباهك في كل لحظة
من إشعار على الهاتف، إلى رسالة عشوائية، إلى فيديو يظهر فجأة ويأخذك في دوامة لا مخرج منها.

لكن هناك حل.
طريقة واحدة فقط لاستعادة سيطرتك:
ادخل في ما يُسمى بوضع التركيز.

الفكرة بسيطة… لكن فعّالة جدًا:

كلما جعلت الوصول للتشتيت أصعب، زادت فرصك في الإنجاز.

إليك 5 خطوات تساعدك على ذلك:

1.    احذف التطبيقات التي لا نهاية لها.
لست ضعيفًا… لكن هاتفك مصمم ليجذبك.
منصات مثل إنستغرام، تيك توك، وتويتر، لا تنتهي.
كل ما تراه فيها صُمم بدقة لاحتجازك أطول وقت ممكن.
بحذفها… أنت لا تخسر شيئًا، بل تستعيد وقتك.

2.    سجّل الخروج بعد الاستخدام.
بعد أن تنهي استخدام البريد أو تنشر شيئًا
سجّل خروجك فورًا.
لا تمنح نفسك الفرصة للعودة بلمسة واحدة.
صدّقني… خطوة تسجيل الدخول من جديد كفيلة بأن تجعلك تتردد. وهذا بالضبط ما نريده.

3.    ضع مؤقتًا للإنترنت.
الإنترنت أصبح متاحًا طوال الوقت… لكن تركيزك ليس كذلك.
استخدم مؤقتًا، أو برنامجًا يقطع الاتصال لفترة محددة.
لا إشعارات، لا تحديثات، فقط أنت والعمل الذي تريده.

4.    انتبه لفجوات الوقت.
تقول: "سأدخل فقط لأحدث حالتي".
ثم تجد نفسك بعد ساعة تتنقل من تطبيق لآخر.
المشكلة ليست في الدقيقة… بل في الساعات التي تضيع بعدها.
لا تفتح الباب أصلاً إن كنت لا تنوي الدخول.

5.    خصص وقتًا للبريد الإلكتروني.
لا تجعله أول ما تفتحه صباحًا.
ولا آخر ما ترد عليه في المساء.
افتح بريدك في وقت محدد، مرة أو مرتين يوميًا، ثم أغلقه.
إذا جعلت الرد على كل رسالة مهمة عاجلة، فلن تنجز أي مهمة مهمة حقًا.

خلاصة الدرس؟
التركيز لا يحدث صدفة… بل هو قرار.
قرار بأن تقول "لا" للمشتتات، وتمنح نفسك الفرصة لإنجاز ما يهمك فعلًا.

ابدأ بخطوة بسيطة اليوم… وستشعر بالفرق غدًا.

 

الدرس الرابع: حرّك جسدك… لتنشيط عقلك.

نُعامل أجسادنا وكأنها مجرد وسيلة لنقل عقولنا من مكان إلى آخر.
من البيت إلى المكتب، من المكتب إلى الاجتماع… ثم نعود مرهقين، نشعر أننا لم ننجز شيئًا.

لكن الحقيقة التي نغفل عنها هي:
جسمك ليس وسيلة فقط... بل هو وقود تركيزك.
وإذا كنت تريد عقلًا حاضرًا وذهنًا متقدًا، فعليك أولًا أن تعتني بجسمك.

يقول مؤلفا كتاب "خصص وقتًا" بوضوح:

"إذا كنت تريد طاقة لعقلك... فابدأ بجسمك."

قد يبدو الأمر غير منطقي.
كيف يمكن لممارسة الرياضة أن توفر الوقت بدل أن تأخذه؟
لكن الحقيقة؟
كلما أهملت جسدك، كلما ضعفت طاقتك، وزادت فرص التشتت، وسقطت في فخ الإنترنت بسهولة.

إليك بعض الخطوات البسيطة… لكنها فعالة بشكل مذهل:

1-     استمر في الحركة.

نحن نجلس أكثر مما يتحمله جسمنا.
حتى لو تحركت 20 دقيقة فقط في اليوم… هذا كافٍ لتحفيز دورتك الدموية وتنشيط ذهنك.
لا تحتاج إلى صالة رياضية فاخرة.
في زاوية غرفتك… يمكنك البدء.

2-    كلْ كصيّاد ثمار.

جسمك لا يحتاج إلى طعام مصنع ومعلّب.
بل يحتاج إلى ما هو طبيعي، بسيط، ونظيف.
فواكه، خضراوات، مكسرات، وقليل من البروتين.
القاعدة بسيطة:

"كُل... ليس كثيرًا... وغالبًا نباتيًا."

3-    لا تأكل لمجرد التسلية.

في كل مكتب تجد شيئًا يؤكل.
قطعة شوكولاتة، كعكة عيد ميلاد، أو كيس شيبسي لا يقاوم.
لكن هل تأكل لأنك جائع؟ أم لأنك معتاد؟
احمل معك تفاحة، وابدأ في كسر هذه الحلقة.

4. استخدم الكافيين بذكاء.
لا تجعله طقسًا آليًا.
اجعل شرب القهوة أو الشاي وسيلة لتحفيزك عند الحاجة فقط.
بعض الدراسات تشير حتى إلى أن شرب الكافيين قبل غفوة قصيرة قد يمنحك دفعة طاقة مضاعفة!

5. تمشَّ… في الغابة أو أي مكان طبيعي.
المشي ليس رياضة فقط، بل طريقة للتفكير، للهدوء، وللتأمل.
عند المشي، ينخفض التوتر ويصفو الذهن.
سواء كان طريقك إلى العمل، أو نزهة في حديقة قريبة… فقط تحرك، وتنفس.

خلاصة الدرس؟
إنجازك العقلي… يبدأ من عنايتك الجسدية.
لا تفصل بين الاثنين، فهما مترابطان أكثر مما تتخيل.
اعتنِ بجسمك، وستندهش من صفاء ذهنك، وسرعة تركيزك، وقوة إنتاجيتك.

 

الدرس الخامس: خُذ لحظة… وفكّر.

تخيّل لو أنك تنهي كل يوم، وأنت تحمل معك كل أخطائه دون أن تتوقف لحظة لتسأل نفسك:
ماذا حدث اليوم؟ ولماذا؟ وهل كان يستحق كل هذا الجهد؟
صدقني… هذه اللحظة البسيطة قادرة على تغيير كل شيء.

في زحمة الأيام، نركض من مهمة لأخرى، ومن اجتماع لمكالمة، ومن إشعار لإشعار...
لكن لحظة صمت وتأمل في نهاية اليوم، قد تكون أهم من كل ما فعلته.

المؤلفان "جيك ناب وجون زيراتسكي" يقترحان شيء بسيط جدًا:
قبل النوم، اجلس ٥ دقائق فقط... ودوّن هذه الأسئلة:

1.    ما أهم شيء حدث اليوم؟ وهل خصصت له فعلاً وقتًا؟

2.    كيف كان تركيزك؟ مشتّت؟ حاضر؟ متوسط؟

3.    هل جرّبت طريقة جديدة للتركيز أو التنظيم؟ كيف كانت؟

4.    ما الذي تنوي تغييره أو تجربته غدًا؟

5.    ولمَن أو لماذا تشعر بالامتنان اليوم؟

هذه الأسئلة تعمل كمرآة لعقلك. كلما تأملت فيها، كلما اقتربت من فهم نفسك أكثر.
وصدقني… لا تحتاج لتطبيقات ذكية أو جداول معقدة. فقط ورقة وقلم.

ومع الوقت، ستلاحظ أنك أصبحت تتحكم في وقتك بدلًا من أن يسرقك.
وأنك تطوّر من نفسك بهدوء… كل ليلة.

التغيير الحقيقي لا يأتي من القراءة أو الحماس المؤقت
بل من لحظات الصمت التي نواجه فيها أنفسنا بصدق.

جربها الليلة.
خمس دقائق فقط… قد تغيّر عاداتك، وتفتح لك أبواب حياة أكثر وعيًا.

 

ملاحظات ختامية:

في عالمٍ صُمم ليستهلك انتباهنا بلا رحمة، من الطبيعي أن تجد صعوبة في الهروب من فخ التصفح المستمر ومشاركة الصور وتفاصيل يومك التافهة، مثل ما تناولته على العشاء. السبب في هذا السلوك ليس ضعفًا فيك، بل هو نتيجة مباشرة لتصميم هذه التطبيقات. لقد بُنيت لتكون سهلة، سلسة، ومغرية بدرجة لا تُقاوَم، بحيث تُسحب إلى استخدامها دون وعي.

ولكي تستعيد السيطرة على وقتك وطاقتك، عليك أن تزرع بعض العوائق الصغيرة التي تَحد من سهولة هذا الاستخدام. على سبيل المثال، يمكنك تسجيل الخروج من حساباتك الاجتماعية بدلًا من تركها مفتوحة دائمًا. احذف التطبيقات التي تسرق وقتك من شاشة هاتفك الرئيسية، بل من الهاتف كله. اجعل الوصول إليها غير مريح. يمكنك حتى تغيير كلمة مرورك إلى واحدة طويلة ومعقدة، ثم لا تكتبها في مكان سهل الوصول. إضافة هذا النوع من "الإزعاج المتعمد" هو حيلة بسيطة لكنها فعالة. فحين تصبح تلك العادة السيئة أكثر صعوبة، تقل احتمالية التورط فيها تلقائيًا.

ومن جانب آخر، لا يمكن للإنسان أن يُنجز كل شيء، لذلك من المهم أن تُرتب أولوياتك بوعي. اجعل المهم أولًا، ودع الباقي لاحقًا. لا تبدأ يومك بالرد على الرسائل أو تصفح الإشعارات. بدلًا من ذلك، اسأل نفسك في الليلة السابقة: ما هو أهم شيء يجب إنجازه غدًا؟ هذا السؤال البسيط، إذا اعتدت عليه، يمكنه أن يغيّر طريقة إدارتك ليومك بالكامل. عندما تُخصّص وقتًا مبكرًا للمهمة الأكثر أهمية، تزداد احتمالات إنجازها بشكل كبير، لأن طاقتك وتركيزك في أعلى مستوياتهما.

هناك أمر آخر قد لا تنتبه له، وهو أنك عندما تُظهر للناس أنك متاح دومًا، فأنت بذلك تدرّبهم على مقاطعتك في أي وقت. إن كنت ترد فورًا على كل رسالة، أو تتفقد بريدك الإلكتروني كل عشر دقائق، فإنك تُغرق نفسك في دوامة من التشتيت المستمر. من الأفضل أن تضع قواعد واضحة: تخصيص وقت معين للرد على الرسائل، أو جعل الرد يتم بشروطك أنت، وليس بمجرد وصول الإشعار. في البداية، قد يبدو هذا تصرفًا غير لائق، لكنه في الحقيقة يدل على أنك تحترم وقتك. ومع الوقت، سيبدأ الآخرون في احترام حدودك.

ولا تنسَ أن عقلك لا يعمل في فراغ. صحتك الجسدية تؤثر مباشرة على قدرتك الذهنية. لست بحاجة إلى قوام رياضي، ولكنك بالتأكيد بحاجة إلى حركة يومية بسيطة، وتغذية متوازنة. بعض التمارين اليومية، ولو لعشر دقائق فقط، يمكنها أن تُحدث فرقًا هائلًا في مستوى طاقتك واستعدادك لمواجهة اليوم. فعندما يكون جسدك في حالة جيدة، يصبح من الأسهل بكثير مقاومة الإغراءات الرقمية واتخاذ قرارات أكثر وعيًا.

أما إذا وجدت نفسك حائرًا، لا تعرف ما الذي يجب أن تفعله اليوم، فالحل أبسط مما تتوقع: كرّر ما نجح معك بالأمس. لا حاجة لاختراع العجلة في كل مرة. التحسّن في أي مهارة، سواء كانت الكتابة أو البرمجة أو حتى اللياقة البدنية، لا يحدث بين عشية وضحاها. بل هو ثمرة شهور من التكرار الواعي والعمل المنتظم. دوّن ما أنجزته بالأمس، ما الذي سار على ما يرام، وما الذي لم ينجح، وابقِ على الجيد، وتخلص من الزائد.

 

وفي الختام، إن كنت واحدًا من أولئك الذين يقضون ساعات يومهم وهم يتنقلون بين صفحات الإنترنت دون هدف واضح، وإذا كنت تشعر بأنك تفقد وقتك وطاقتك في أنشطة لا تضيف لحياتك شيئًا، فإن هذا الكتاب كُتب من أجلك. رسالته الجوهرية بسيطة، لكنها عميقة: اعتنِ بجسمك، ونمّ وعيك بما يشتت انتباهك، وستتمكن تدريجيًا من استعادة زمام حياتك. فعندما تكون طاقتك منخفضة، يصبح من السهل التخلي عن قواعدك والانخراط في أنشطة لا تتطلب أي جهد. لكن ممارسة الرياضة بانتظام، والاهتمام بصحتك، قد تكون أقوى خطوة في مواجهة كل هذا الضجيج من حولك.

تعليقات