القائمة الرئيسية

الصفحات

حين يتحدث القرآن إلى قلبك | رسائل من القرآن لأدهم شرقاوي

 في زمن تتسارع فيه الأحداث وتشتت فيه قلوب الناس بين هموم الحياة وضجيج العالم، يبقى القرآن الكريم كتاب الهداية الأول، والملاذ الذي يعيد للنفس توازنها وطمأنينتها. غير أن كثيرًا منا يقرؤه قراءة العادة، فلا يدرك الرسائل الخفية التي يحملها بين سطوره، ولا يسمع النداء الدافئ الذي يخاطب به كل قلب متعب. هنا يأتي كتاب "رسائل من القرآن" لأدهم الشرقاوي، ليوقظ فينا هذا الشعور، ويعيدنا إلى جوهر الرسالة الإلهية التي لم تنزل عبثًا، بل نزلت لتخاطب الإنسان في كل تفاصيل حياته.

هذا الكتاب ليس مجرد شرح لآيات أو تأملات عابرة، بل هو دعوة مفتوحة لتجربة روحانية عميقة، تجربة تجعلك ترى أن القرآن يتحدث إليك شخصيًا، ويبعث لك برسائل أمل، وصبر، ومغفرة، ويكشف لك أن وراء كل ابتلاء حكمة، وأن وراء كل ألم بابًا واسعًا من الرحمة.
أدهم الشرقاوي يكتب وكأن كلماته جسور تمتد بين القارئ وآيات الله، يفسرها بقلبه قبل عقله، ويرسمها بأسلوب أدبي يجعل النص القرآني قريبًا من الحياة اليومية، وكأنه يذكرك بأن الله لم يتركك وحيدًا لحظة واحدة.

إن "رسائل من القرآن" ليست مجرد قراءة، بل هي وقفة تأمل تعيد ترتيب أولوياتك، وتمنحك يقينًا بأن كل آية في كتاب الله هي رسالة لك، تنتظر أن تكتشفها.

 



الرسالة الأولى: الصبر زاد المؤمن في الطريق

الصبر هو البوصلة التي تمنحنا التوازن وسط عواصف الحياة. حين يختار أدهم الشرقاوي أن يفتتح كتابه برسائل عن الصبر، فإنه لا يقدمه كفضيلة نظرية مجردة، بل كقوة حقيقية تجعل الإنسان قادرًا على مواجهة أقسى الظروف بروح ثابتة. يقول الله تعالى:

"وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" [البقرة: 155].

هذه الآية – كما يوضح الشرقاوي – ليست مجرد أمر بالصبر، بل هي إعلان بأن الصبر يحمل في طياته بشارة من الله نفسه. أي أن كل إنسان صبر على ابتلاء، أو فقد، أو حزن، لم يذهب جهده هباءً، بل له جزاء عظيم قد يفوق قدرته على التصور.

يأخذنا الكاتب في هذه الرسالة إلى عمق الفكرة: لماذا يُبتلى الإنسان؟
الابتلاء – كما يصفه – ليس لعنة ولا غضبًا من الله، بل اختبار لمدى صلابة الروح وقوة الإيمان. يشبهه بامتحان صعب، نتيجته ليست درجات على ورق، بل درجات في الجنة، ورفعة في الدنيا. فالله لا يختبرنا ليعذبنا، بل ليخرج من داخلنا أجمل ما فينا: الصبر، الإيمان، واليقين.

يذكر أدهم الشرقاوي أن الصبر ليس استسلامًا أو ضعفًا، بل هو قوة داخلية، قرار يتخذه الإنسان أن يواجه الحياة دون أن ينكسر. الصبر لا يعني أن نتوقف عن المحاولة أو أن نرضى بالهزيمة، بل يعني أن نحتمل الألم دون أن نفقد الأمل.

ويستشهد الكاتب بقصص الأنبياء كمثال أعلى للصبر، بدءًا من صبر أيوب على المرض، إلى صبر يوسف على السجن والظلم، ليؤكد أن كل لحظة صبر تُزرع في قلب المؤمن هي لحظة تُكتب له عند الله كوسام شرف.

ثم يختم رسالته بفكرة بديعة:

"حين تصبر، فأنت تعلن للعالم أن داخلك إيمانًا أكبر من الألم، وأنك تثق بربك أكثر مما تخاف من الطريق."

 

الرسالة الثانية: باب الرحمة لا يُغلق.

في زحام الحياة، حيث الأخطاء متراكمة والذنوب تثقل القلب، قد يشعر الإنسان أحيانًا أنه لم يعد جديرًا بالمغفرة، أو أن ما فعله أكبر من أن يُغتفر. لكن هنا يأتي القرآن برسالته البهيّة، ليمحو كل هذا الإحساس باليأس، ويرسم لنا أفقًا جديدًا من الأمل. يقول الله تعالى:

"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا" [الزمر: 53].

يصف أدهم الشرقاوي هذه الآية بأنها "رسالة حب إلهية"، موجهة لكل نفس أرهقتها الذنوب حتى صارت سجينة شعور دائم بالذنب والخذلان. فالآية لا تقول «يا أيها الطائعون»، بل تنادي «يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم»! وكأن الله يتوجه أولاً إلى أضعف الناس وأكثرهم خطأً، ليقول لهم: مهما أسرفتم، لا تيأسوا، فبابي لا يُغلق.

 

أبواب البشر تُغلق، وباب الله لا يُغلق.

يُذكّرنا الشرقاوي أن قلوب البشر قد تضيق بك، وأن الناس إذا عرفوا أخطاءك ربما يتخلّون عنك، أما الله فبابه مفتوح دائمًا. إنك حين تتوجه إلى الله، لا تحتاج لوسيط، ولا تخشى أن يردك، لأنه سبحانه أرحم بك من نفسك.

هذه الرسالة وحدها كافية لتمنح القلب راحة وطمأنينة، لأنها تقول لك: "حتى لو أخطأت كثيرًا، هناك دائمًا فرصة للعودة، لأن رحمة الله أكبر من كل شيء."

معنى "لا تقنطوا".

يتوقف الكاتب عند كلمة "لا تقنطوا"، فيصفها بأنها كلمة تطرق باب القلب بقوة، لتسحب منه كل شعور باليأس. فهي ليست مجرد أمر بعدم القنوط، بل وعد بأن الله قادر على أن يبدّل السوء حسنًا، ويحوّل الندم إلى فرصة بداية جديدة.

قصص عن الرحمة.

يعرض أدهم الشرقاوي نماذج من قصص التائبين، ومن بينها القصة الشهيرة عن الرجل الذي قتل تسعةً وتسعين نفسًا، لكنه لم يُغلق باب التوبة في وجهه، بل قبل الله عودته بعدما صدق في نيته. هذه القصة – كما يوضح الكاتب – تكسر كل حجة قد يتمسك بها من يظن أن ذنوبه أكبر من مغفرة الله.

رسالة إلى القلب.

في أسلوبه الأدبي المميز، يوجّه الشرقاوي رسالة مباشرة لكل قارئ، فيقول ما معناه:

"أنت لست ذنبك الأخير، ولا خطأك الذي تندم عليه. أنت إنسان ضعيف يحتاج إلى قوة الله، وباب الله لا يردّ أحدًا طرقه باكيًا، بل يفتح له ذراعيه بالمغفرة."

الرحمة في حياتنا اليومية.

يوضح الكاتب أن هذه الرسالة القرآنية ليست مجرد كلمات تُتلى، بل هي مبدأ للحياة. فإذا عرف الإنسان سعة رحمة الله، انعكس ذلك على نفسه، فأصبح أكثر رحمة بالآخرين، وأكثر صفحًا عن أخطائهم، لأن من يذوق رحمة الله، لا يمكن أن يضيق قلبه بالناس.

خلاصة الرسالة الثانية.

تقول هذه الرسالة لكل إنسان: مهما كانت المسافة التي ابتعدتها، يكفي أن تخطو خطوة واحدة صادقة إلى الله، ليجدك أقرب مما تظن. إن باب الله لا يُغلق أبدًا، ورحمته تتسع لكل من يعود إليه، مهما طال التيه.

 

الرسالة الثالثة: الأمل في وجه الظلام.

الحياة ليست طريقًا مستقيمًا دائم الإشراق، بل هي مزيج من النور والظلام، من الأفراح والأحزان. قد تأتي اللحظات التي نشعر فيها أن الأبواب أُغلقت، وأن الحلم الذي نرجوه بعيد المنال، وأن الليل يزداد ظلمة دون أن تلوح في الأفق شمس الصباح. هنا، يأتي القرآن ليضيء لنا طريق الأمل، وليرسم في قلوبنا اليقين بأن الفرج قريب، مهما بدا الواقع قاسيًا.

يستشهد أدهم الشرقاوي بالآية الكريمة:

"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" [الشرح: 5-6].

هذه الآية – كما يشرح – ليست مجرد وعد باليسر بعد العسر، بل هي تأكيد إلهي بأن اليسر ملازم للعسر، وأنه يسير بجانبه لا يفارقه. وكأن الله يقول لنا: "بين ثنايا المحنة يكمن الفرج، وفي قلب الألم يختبئ باب الخلاص."

اليسر في قلب العسر.

يذهب الشرقاوي إلى أبعد من المعنى الظاهري للآية، ليقول إن الله لم يقل «بعد العسر يسرًا»، بل قال "مع العسر". أي أن الفرج ليس بعيدًا، بل يولد في اللحظة ذاتها التي يولد فيها البلاء، لكنه يحتاج صبرًا وإيمانًا حتى نراه.

ويضيف أن هذه الرسالة القرآنية تُعلمنا أن لا نُغرق أنفسنا في الإحباط، لأن كل محنة تحمل بداخلها حكمة، وكل طريق مظلم لا بد أن يتخلله شعاع نور يقودنا إلى بداية جديدة.

 

الأمل كقوة داخلية.

الأمل – كما يصفه الكاتب – ليس مجرد شعور عابر، بل هو قرار نأخذه بأن نثق بوعد الله أكثر من خوفنا من الظروف. فالأمل ليس إنكارًا للواقع، بل إيمان بأن الواقع قابل للتغيير، لأن الذي بيده كل شيء وعدنا باليسر.

ويضرب الشرقاوي أمثلة من قصص الأنبياء الذين عاشوا لحظات من الظلام الكامل، ثم جاء الفرج بأمر الله.

  • يوسف عليه السلام، الذي خرج من الجب والسجن ليصبح عزيز مصر.
  • موسى عليه السلام، الذي انشق له البحر عندما كان أمامه العدو وخلفه الغرق.
  • النبي محمد ﷺ، الذي حُوصر في الشعب، لكنه خرج منه ليبني أمة.

اقتباس ملهم من الكاتب.

"في أشد اللحظات ظلمة، هناك دائمًا شعلة أمل صغيرة، يكفي أن تتمسك بها حتى يضيء الله لك الطريق بأكمله."

كيف نعيش هذه الرسالة؟

يدعونا الشرقاوي إلى أن ننظر إلى حياتنا بعين الإيمان، وأن نرى في كل أزمة فرصة لتقوية صلتنا بالله، وفي كل ألم تذكيرًا بأن الفرح قادم لا محالة. فالأمل لا يعني أن ننتظر الفرج بلا عمل، بل أن نزرع الخير حتى في أصعب الظروف، واثقين أن الله لن يخذلنا.

خلاصة الرسالة الثالثة.

إن رسالة الأمل من القرآن تهمس في أذن كل قلب متعب: "اصبر، فالله أعد لك يسرًا لم تتخيله بعد، وسيأتي اليوم الذي تنظر فيه إلى محنتك وتدرك أنها كانت بوابة لرحمة أكبر."

 

الرسالة الرابعة: قيمة التوبة الصادقة.

كلنا نخطئ، وكلنا نضعف أمام رغباتنا، ولكن الفارق بين إنسان وآخر ليس في ارتكاب الذنب، بل في طريق العودة إلى الله. التوبة هي أصدق دليل على أن القلب ما زال حيًا، وأن الإنسان مهما ابتعد، يمكن أن يعود أنقى وأقوى مما كان.

يبدأ أدهم الشرقاوي هذه الرسالة بالتأكيد على أن القرآن الكريم يفتح أمامنا أبواب العودة مهما طال الطريق، مستشهدًا بقول الله تعالى:

"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" [البقرة: 222].

يشرح الكاتب أن الله لم يقل «يغفر للتوابين» فقط، بل قال "يحب التوابين"! هذه الكلمة وحدها كافية لتذيب قسوة القلب، فالله لا يكتفي بقبول التوبة، بل يحب من يطرق بابه نادمًا، وكأن لحظة الرجوع أعظم عند الله من كل أيام الضياع.

التوبة ليست ضعفًا، بل شجاعة.

يؤكد الشرقاوي أن التوبة الحقيقية تحتاج إلى شجاعة وصدق. فالاعتراف بالخطأ ليس بالأمر السهل، بل هو موقف يحتاج قلبًا يواجه نفسه أولاً، ويعترف بأن هناك طريقًا أفضل يجب أن يسلكه. التوبة ليست مجرد كلمات تُقال، بل قرار حقيقي بتغيير المسار، ورغبة عميقة في أن يبدأ الإنسان من جديد.

 

قوة التوبة في تغيير المصير.

يضرب الكاتب أمثلة من التاريخ والقرآن ليوضح كيف أن التوبة كانت نقطة تحوّل في حياة كثير من الناس:

  • التوبة التي بدلت حال الصحابة الذين كانوا يعيشون في الجاهلية ليصبحوا من أنقى الناس.
  • قصة الرجل الذي قتل تسعةً وتسعين نفسًا، ولكنه بمجرد أن صدق في نيته للتوبة، غفر الله له ذنوبه كلها.

هذه القصص تثبت أن التوبة ليست فقط غفرانًا للماضي، بل هي بوابة لمستقبل مشرق، تُبدّل فيها السيئات حسنات كما وعد الله:

"فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ" [الفرقان: 70].

التوبة كل يوم.

يدعونا الشرقاوي إلى أن نجعل التوبة عادة يومية، لا أن نؤجلها حتى نصبح بلا ذنوب، لأننا لن نصل إلى الكمال أبدًا. الله يحب التوابين المستمرين، أولئك الذين يسقطون لكنهم لا يستسلمون، يعودون كل مرة وهم أكثر حبًا لله ورغبة في رضاه.

اقتباس مؤثر من أسلوب الكاتب.

"التوبة ليست نهاية الطريق، بل بدايته، إنها لحظة تصالح مع نفسك، لحظة تقول فيها لله: أخطأت، لكنني عدت، ولن أطرق بابًا غير بابك."

خلاصة الرسالة الرابعة.

التوبة ليست ضعفًا، بل هي قمة القوة والصدق مع النفس. إنها إعلان بأن القلب لم يمت، وأن الإنسان ما زال قادرًا على العودة مهما ضلّ الطريق. وهذه الرسالة القرآنية تقول لنا: الله يحبك حين تعود إليه، أكثر مما تتخيل.

 

الرسالة الخامسة: معنى الإيمان الحقيقي.

الإيمان ليس مجرد كلمة تُقال على اللسان، ولا شعورًا غامضًا في القلب دون أثر. إنه حالة شاملة تتجلى في الفكر والعمل والسلوك، ويظهر أثره في الطريقة التي نواجه بها الحياة بكل ما فيها من تحديات. في "رسائل من القرآن"، يوضح أدهم الشرقاوي أن الإيمان هو مصدر الطمأنينة الحقيقي، القوة التي تجعل الإنسان ثابتًا أمام الرياح، واليقين الذي يبدد كل شك وخوف.

يستشهد الكاتب بقوله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" [البينة: 7].

من خلال هذه الآية، يُبيّن أن الإيمان ليس حالة ساكنة، بل يرتبط بالعمل الصالح. فالإيمان الحقيقي يثمر أفعالاً تعكس صدقه، مثل الرحمة، الصدق، والإحسان، لأن الإيمان الذي لا يغير الإنسان ولا يدفعه لفعل الخير، يبقى ناقصًا.

الإيمان طمأنينة قبل أن يكون كلمات.

يشرح الشرقاوي أن الإيمان الحقيقي هو الاطمئنان العميق إلى أن كل ما يحدث في حياتك بيد الله، وأن كل أمر – مهما بدا صعبًا – يحمل في داخله حكمة. الإيمان ليس أن تقول "أنا أثق بالله" فقط، بل أن تعيش هذه الثقة حتى في أحلك الظروف، وأن تظل ثابتًا حين ينهار كل شيء من حولك.

يقول الكاتب بأسلوبه المؤثر:

"الإيمان هو أن تثق أن يد الله تمسك بك حتى إن سقطت، وأن رحمته أوسع من كل خوفك وأحزانك."

الإيمان قوة للنهضة.

لا يكتفي الشرقاوي بالجانب الروحي للإيمان، بل يربطه أيضًا بالقوة العملية. فالمؤمن لا ينتظر الأقدار ساكنًا، بل يسعى ويعمل وهو مؤمن أن الله يبارك جهده. إن الإيمان الحقيقي يحرك صاحبه نحو البناء لا الهدم، نحو الإصلاح لا الاستسلام.

ويضرب أمثلة من التاريخ، مثل إيمان النبي محمد ﷺ برسالته رغم تكذيب قومه، وإيمان الصحابة الذين واجهوا الصعاب ولم يتراجعوا، لأنهم كانوا يرون بنور اليقين ما لا يراه غيرهم.

الإيمان بين الخوف والرجاء.

يتحدث الكاتب عن التوازن الذي يخلقه الإيمان في النفس؛ فهو لا يجعل الإنسان مغرورًا بأعماله، ولا يتركه غارقًا في الخوف من ذنوبه. الإيمان الحقيقي هو أن تعمل بجدّ وكأنك ترى الله، وأن ترجو رحمته مع إدراك عدله.

الإيمان في حياتنا اليومية.

يذكّرنا الشرقاوي بأن الإيمان يظهر في تفاصيل بسيطة:

  • في صبرك على بلاء صغير دون تذمر.
  • في إحسانك للناس حتى لو أساؤوا إليك.
  • في يقينك أن الله يختار لك الأفضل حتى لو لم تفهم لماذا.

اقتباس مؤثر.

"الإيمان ليس شيئًا يُرى بالعين، لكنه نور يشع من قلب صاحبه، ينعكس في كلامه، وأخلاقه، وهدوئه أمام العواصف."

خلاصة الرسالة الخامسة.

الإيمان الحقيقي هو توازن بين الثقة بالله والعمل من أجل مرضاته، بين الصبر واليقين، وبين الخوف والرجاء. إنه القوة التي تجعل الإنسان يرى ما وراء الواقع، ويعيش حياة مليئة بالسلام الداخلي حتى وسط الاضطرابات.

 

روح الكتاب وجوهره.

كتاب "رسائل من القرآن" ليس مجرد صفحات تحتوي على كلمات، بل هو نافذة تطل بك على عمق العلاقة بين الإنسان وربه. إن جوهر الكتاب يكمن في محاولته أن يجعلنا نسمع نداء القرآن من جديد، ذلك النداء الذي غالبًا ما يغيب وسط ضجيج الحياة وانشغالنا بتفاصيلها الصغيرة.

يأخذنا أدهم الشرقاوي في رحلة تأملية، حيث تتحول كل آية إلى رسالة شخصية، موجهة للقارئ كأنها كتبت له وحده. ففي رسائله عن الصبر، يُشعرك أن الله يواسيك في لحظات ضعفك، وفي رسائل الرحمة والتوبة يذكرك أن الله أقرب إليك من كل شيء، وأن قلبك مهما ابتعد يستطيع أن يعود.

جوهر الكتاب يكمن في بساطته، فهو لا يستخدم التعقيد ولا التفسير المطوّل، بل يكتفي بكلمات قصيرة لكنها عميقة الأثر، تلامس الروح وتعيد ترتيب الأولويات.
يؤكد الشرقاوي أن القرآن ليس كتابًا للتلاوة في المناسبات، ولا نصًا تاريخيًا، بل هو كتاب حياة، يعالج جروح الروح قبل أن يجيب عن أسئلة العقل.

يمكن القول إن الكتاب يشبه صديقًا حميمًا يجلس معك ليواسيك ويذكرك بأنك لست وحدك، وأن هناك إلهًا يرى دموعك ويدرك مخاوفك ويكتب لك ما هو خير، حتى لو لم تفهم حكمته الآن.
هذه الروح الدافئة هي التي تجعل القارئ يشعر أن كل رسالة من رسائل الكتاب تخصه شخصيًا، فتأخذه إلى مساحة من الصفاء النفسي واليقين بالله.


الخاتمة.

في النهاية، كتاب "رسائل من القرآن" هو أكثر من مجرد قراءة؛ إنه تجربة روحية عميقة، تضعك وجهًا لوجه أمام رسائل الله إليك. بعد الانتهاء منه، تشعر أن كل آية من القرآن يمكن أن تكون مفتاحًا لباب مغلق في حياتك: باب الصبر، باب التوبة، باب الأمل، أو باب الطمأنينة.

يعلّمنا الكتاب أن القرآن ليس نصًا محفوظًا في المصحف فقط، بل هو رفيق درب، يناديك كلما ضعت، ويضيء لك الطريق كلما أظلمت الحياة. يدعوك الشرقاوي في ختام هذه الرسائل أن تنظر إلى القرآن ليس كواجب ديني فحسب، بل كمرشد حياتي، كصوت داخلي يذكّرك دائمًا بأن الله إلى جانبك، وأنك مهما تعثرت تستطيع أن تبدأ من جديد.

إن جوهر الكتاب يدور حول هذه الفكرة العظيمة: "القرآن حيّ، يبعث برسائل حبّ ورحمة إلى قلب كل إنسان، وكل ما عليك هو أن تفتح قلبك لتسمع."

فالكتاب يهمس للقارئ:

"لا تجعل الحياة تسرقك من رسائل الله، فهي الطريق إلى القوة، والطمأنينة، والسلام الحقيقي."

تعليقات